"قال الصحابة:  يا رسول الله و إن لنا في البهائم أجراً‏؟‏ فقال‏: ‏في كل كبدٍ رطبة أجر‏" (رواه أبو هريرة)

تتضمن المبادرة التالية أحاديث من مختلف الطوائف والآراء الدينية تحترم جميع وجهات النظر. يتم تشجيع القراء على متابعة أولئك الذين يفضلونهم اعتمادا على معتقداتهم.

الإسلام هو دين ابراهيمي توحيدي يتمحور حول القرآن الكريم، وهو نصّ مُقدّس يحترمه المُسلمين باعتباره كلمة الله المباشرة المُنزلة على النّبيّ محمّد (صلّى الله عليه وسلّم). ومن ناحية أخرى، فإنّ النّظام النّباتيّ الصّرف هو أسلوب حياة يتضمّن الامتناع عن استخدام المنتجات الحيوانيّة، وخاصّة في النّظام الغذائي، و يتضمّن فلسفة مرتبطة برفض وضع الحيوانات كسلعة. من القواسم المشتركة الملحوظة بين الإسلام والنّباتيّة الصّرف هو تركيزهم المشترك على الحب والرّحمة تجاه الحيوانات. يسعى النّظام النّباتي الصّرف إلى تأمين حقوق الحيوان، بينما يدعو الإسلام أيضًا إلى حقوق الحيوانات، ممّا يجعله أحد الأديان العديدة الذي يعطي الأولويّة لهذه القضيّة.

أعدّه نشطاء مسلمون في مجال حقوق الحيوان (استنادًا إلى النّصوص المقدّسة والتّعاليم الموجودة في الإسلام)، سيشرح الدّليل التّالي أهمّيّة احترام الحيوانات في الإسلام، وكذلك كيف أن النّظام الغذائي النّباتي الصّرف لا يتماشى فقط مع الشّريعة الإسلاميّة وتعاليم النّبيّ (صلّى الله عليه وسلّم)، ولكن يُفضّل أيضاً.

انقر فوق الزر إذا كنت ترغب في تنزيل نشرة ملخصة تحتوي على معلومات عن الإسلام والنباتية لاستخدامها في جهود الدعوة الخاصة بك.

1. مبدأ تجنّب الضّرر

أحد المبادئ الخمسة في الشّريعة الإسلاميّة هو"اجتناب الضّرر"، وهو ما يُعرف بـ "الضّرورة" و"المفسدة". يدرك الفقه الإسلامي أهمّيّة تجنُّب الضّرر وإعطاء الأولويّة لرفاهيّة الأفراد والمجتمع. وفيما يلي بعض النّقاط الأساسيّة المتعلّقة بهذا المبدأ:

تحريم الضّرر: تُحرّم الشّريعة الإسلاميّة الأفعال التي تلحق الضّرر بالنّفس أو بالآخرين أو المجتمع ككل. وينبع هذا المبدأ من الهدف الأوسع المتمثّل في الحفاظ على الحياة والكرامة والرّفاهيّة.

تجنّب الضّرر: يتم تشجيع المسلمين على تجنّب الانخراط في الأنشطة أو السّلوكيّات التي تسبّب الضّرر. ويشمل ذلك الضّرر الجسدي والمعنوي، مثل تجنّب المسكّرات، والسّلوك المدمّر، والأفعال التي تسبّب الأذى أو المعاناة للآخرين.

أقل الشّرّين: في الحالات التي يكون فيها الضّرر لا مفرّ منه أو يكون هناك تعارض بين نتيجتين غير مرغوب فيهما، تسمح الشّريعة الإسلاميّة باختيار أخفّ الشّرّين لتقليل الضّرر العام وحماية الصّالح العام. يعترف هذا المبدأ بالحاجة إلى اتّخاذ قرارات عمليّة في المواقف المعقّدة.

إعطاء الأولويّة لتجنّب الضّرر: مبدأ تجنّب الضّرر له الأسبقيّة على تحقيق فوائد معيّنة. إذا كان إجراء أو ممارسة معيّنة تؤدّي إلى ضرر أو تشكّل خطرًا كبيرًا، فيجب تجنّبها، حتّى لو كان من الممكن أن تقدّم بعض الفوائد المتصوّرة.

وبشكل عام فإنّ مبدأ تجنّب الضّرر في الشّريعة الإسلاميّة يعكس الاعتبارات الأخلاقيّة والعمليّة في اتّخاذ القرار. ويشجّع المسلمين على التّصرّف بمسؤوليّة، والنّظر في عواقب أفعالهم، وإعطاء الأولويّة لرفاهيّة أنفسهم والآخرين.

2. أفراد ومجتمعات أمثالنا

وفقاً للعقيدة القرآنيّة، فإنّ جميع الكائنات الحيّة تمتلك قوّة غير مادّيّة من الرّوح والعقل، والتي نسمّيها في شكلها المتقدّم "النّفس". وعلى الرّغم من أنّ القوّة النّفسيّة للحيوانات أقل مستوى من تلك التي لدى البشر، إلّا أنّ هناك أدلّة كثيرة في القرآن تشير إلى أنّ وعي الحيوانات بالرّوح والعقل أعلى بدرجة من مجرّد الغريزة والحدس. يخبرنا القرآن الكريم أنّ الحيوانات تعرف خالقها، وبالتّالي فهي تعبده أيضاً.

  •       أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَٱلطَّيْرُ صَـٰٓفَّـٰتٍۢ ۖ كُلٌّۭ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُۥ وَتَسْبِيحَهُۥ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌۢ بِمَا يَفْعَلُونَ (سورة النّور ٤١)

وتجدر الإشارة إلى عبارة "كُلٌّۭ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُۥ وَتَسْبِيحَهُ". إنَّ تنفيذ الفعل الإرادي، الذي يتم إجراؤه بوعي وقصد، يتطلّب ملكة أعلى من ملكة الغريزة والحدس. وتشير الآية التّالية إلى أنّ جهل الإنسان هو الذي يمنعه من فهم ظاهرة هذه القدرة:

  •       تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَـٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِۦ وَلَـٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًۭا (سورة الإسراء ٤٤)

إنّها مجتمعات في حدّ ذاتها وليس فيما يتعلّق بالجنس البشري أو القيمة. تستحق جميع الأنواع أن تُعامل كمجتمعات؛ وينبغي الاعتراف بقيمها الجوهريّة وغير الملموسة، بغضّ النّظر عن فائدتها أو ضررها الظّاهري. إنّ سيطرة الإنسان على الحيوانات، بالمعنى الإسلامي الصحيح، هي سلطة أبويّة، وهو ترتيب يحكم بموجبه ربّ الأسرة بالانضباط والمحبّة الأبويّة:

  •       وَمَا مِن دَآبَّةٍۢ فِى ٱلْأَرْضِ وَلَا طَـٰٓئِرٍۢ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّآ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِى ٱلْكِتَـٰبِ مِن شَىْءٍۢ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (سورة الأنعام ٣٨)

3. مساعدة الحيوانات الأخرى

الحديث العاشر: عَنْ أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏: "‏ بينما رجل يمشى بطريق اشتدّ عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل‏:‏ لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان قد بلغ منى، فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه، حتى رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له‏"‏ قالوا ‏:‏ يا رسول الله إن لنا في البهائم أجراً‏؟‏ فقال‏:‏ في كل كبدٍ رطبة أجر‏" .متفق عليه‏‏‏ (الأدب المفرد، كتاب المقدمات، فصل 13، حديث 126)

يسلّط هذا الحديث الضّوء على العمل الرّحيم المتمثّل في تقديم الماء لكلب عطشان ويُعلم أنّ أعمال الإحسان تجاه الحيوانات تُؤجَر عند الله. هذه الأحاديث، من بين أمور أخرى، تُجَسِّد تعاليم النّبي محمّد (صلّى الله عليه و سلّم) وأفعاله التي تؤكّد على أهمّيّة إظهار اللّطف والرّحمة والرّعاية تجاه الحيوانات. إنّها بمثابة إرشاد للمسلمين للتعامل مع الحيوانات باحترام والوفاء بواجبهم كقائمين على رعاية جميع الكائنات الحيّة.

"من أحسن إلى خلق الله فقد أحسن إلى نفسه"

((حكمة النبي محمد (ص)، محمد أمين، مطبعة الأسد 1945)

"من رحم أو أشفق ولو حتى على عصفور وأنقذه رحمه الله يوم القيامة" 

(النبي محمد (ص) رواه أبو أمامة ورواه الطبراني)

4. إيذاء الحيوانات الأخرى

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ "‏ دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خِشَاشِ الأَرْضِ ‏"‏‏. (كتاب بدء الخلق، صحيح بخاري، حديث 124)

يؤكّد هذا الحديث خطورة إساءة المعاملة تجاه الحيوانات، ويسلّط الضّوء على أهمّيّة توفير الرّعاية والتّغذية المناسبة لها.

ويؤكّد هذا الحديث على أهمّيّة معاملة الحيوانات باحترام وتجنّب أي شكل من أشكال الأذى أو الإساءة تجاهها.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أخبر بحادثة حدثت لنبي آخر في الماضي. هذا النبي لسعته نملة، وفي غضبه أمر بإحراق عش النمل بأكمله. وعلى هذا فإن الله وبخ هذا النبي بهذه الكلمات:

"أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الأُمَمِ تُسَبِّحُ". (البخاري، كتاب الجهاد والسير، حديث 228)

مصدر الصورة: جو آن ماك آرثر. نحن الحيوانات وسائل الإعلام

عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ‏ "‏ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ يشوه بِالْحَيَوَانِ ‏"‏‏
— (كتاب الضحايا، سنن النسائي، حديث 82) 

5. التحدث عن حقوق الحيوان

كان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يوبخ الصحابة كلما لاحظ أنهم يسيئون معاملة الحيوانات، وأكد على أهمية إظهار الرحمة واللطف تجاههم.

مرّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بجوار جمل كان نحيلاً لدرجة أن ظهره كاد يلامس بطنه. فقال:"اتقوا الله في معاملتكم لهذه الحيوانات التي لا تستطيع التكلم." (رواه أبو داود)

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ‏:‏ أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَلْفَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَسَرَّ إِلَىَّ حَدِيثًا‏.‏ قَالَ ‏:‏ فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَإِذَا جَمَلٌ فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ فَسَكَتَ، فَقَالَ ‏:‏ ‏"‏ مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ، لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ ‏"‏ ‏.‏ فَجَاءَ فَتًى مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ ‏:‏ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ‏.‏ فَقَالَ ‏:‏ ‏"‏ أَفَلاَ تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا، فَإِنَّهُ شَكَى إِلَىَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ ‏"‏‏.‏ (كتاب الجهاد، سنن أبي داود، حديث 73)

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَرَأَيْنَا حُمْرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا فَجَاءَتِ الْحُمْرَةُ فَجَعَلَتْ تَفْرُشُ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد  

(مشكاة المصابيح، كتاب القصاص، حديث 3542)

ما قد يكون رأي النّبي (صلّى الله عليه وسلّم) في فصل الأمّهات عن أطفالهن كما نفعل في مزارع الألبان ومزارع البيض وجميع المزارع تقريبًا التي يتم فيها تربية الحيوانات لذبحها؟

وهذا الفعل يتماشى تمامًا مع مبدأ تجنب الضّرر الذي يعلّمنا إيّاه الإسلام. إنّه بمثابة تذكير بأنّ إعطاء الأولويّة للتّمتع الشّخصي بالطّعام، حتّى لو كان يعتبر لذيذًا، لا ينبغي أبدًا أن يحل محل الأذى والمعاناة التي تلحق بالكائنات الأخرى.

ما قد يكون رأي النّبي (صلّى الله عليه وسلّم) في نقل الحيوانات في الشّاحنات والقوارب من مدينة إلى مدينة، ومن بلد إلى بلد، ومن قارّة إلى قارّة فقط لكي نستمتع بأكل لحومها؟

وَعَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٌو قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ شرَّ الرعاءِ الحُطَمَة»

رَوَاهُ مُسلم (مشكاة المصابيح، كتاب الإمارة والقضاء، حديث 3688) بمعنى أنّ أسوأ الرعاة هو الذي ليس لديه لطف، والذي يجعل الحيوانات تتسبب في سحق أو جرح بعضها بعضًا.

مصدر الصورة: جو آن ماك آرثر. نحن الحيوانات وسائل الإعلام

6. الاستدامة والحفاظ على الطّبيعة

يعد الحفاظ على الطّبيعة وممارسة الاستدامة من المبادئ المهمّة في الإسلام التي تؤكّد على مسؤوليّة البشر باعتبارهم أوصياء على الأرض. تسلّط التّعاليم الإسلاميّة الضّوء على أهمّيّة حماية البيئة، بما في ذلك النّباتات والحيوانات والموارد الطبيعيّة، وتعزيز العلاقة المتناغمة بين البشر والطبيعة. ولذلك، فإنّ دعم الزّراعة الحيوانيّة يمكن أن ينظر إليه على أنّه يتعارض مع هذه المبادئ.

  1.      خليفة في الأرض: يؤكّد الإسلام على مفهوم "الخليفة" الذي يشير إلى مسؤوليّة البشر في رعاية الأرض ومواردها. وتستلزم هذه المسؤوليّة الحفاظ على التّوازن الطّبيعي واستخدام الموارد بحكمة. وجاء في القرآن: ""وَهُوَ ٱلَّذِى جَعَلَكُمْ خَلَـٰٓئِفَ ٱلْأَرْضِ" (سورة الأنعام، 165).. فهذه الآية تدل على أنّ الإنسان مكلّف بالأرض، وأنّ من واجبه المحافظة عليها وحمايتها.

  2.      التّوازن والاعتدال: يعزّز الإسلام التّوازن والاعتدال في جميع جوانب الحياة، بما في ذلك استخدام الموارد الطّبيعيّة. ويعلّمنا القرآن: "وَكُلُوا۟ وَٱشْرَبُوا۟ وَلَا تُسْرِفُوٓا۟ ۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ" (سورة الأعراف 31). تؤكد هذه الآية على أهمّيّة تجنّب الإسراف والتّبذير، والذي يتضمّن الإفراط في استهلاك الموارد مثل الماء والغذاء.

  3.      الحفاظ على البيئة: يشجّع الإسلام على الحفاظ على الموارد الطبيعيّة وتجنّب استنزافها. قال النّبي (صلّى الله عليه و سلّم) :"إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (صحيح مسلم، كتاب الرقاق، حديث 2742). يذكِّر هذا الحديث المسلمين بواجبهم في حماية البيئة ويوضّح أهمّيّة الحفاظ على جمال وتوازن العالم الطبيعي.

7.  صحّة الإنسان والأكل الصّحّي

أصبحت الأمراض المرتبطة بالمنتجات الحيوانيّة، وخاصّة اللّحوم، هي الأسباب العالميّة الرّئيسيّة للوفاة. تحذّر منظّمة الصّحّة العالميّة من أنّ تناول 50 جرامًا فقط من اللّحوم المصنّعة يوميًا يزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون بنسبة 18٪. ويرتبط تناول اللّحوم الحمراء والمعالجة أيضًا بارتفاع معدّلات الوفيّات النّاجمة عن أمراض القلب والسّكّري وأمراض أخرى. ومن المتوقّع أن تشهد المناطق التي بها عدد كبير من السّكّان المسلمين، مثل شرق البحر الأبيض المتوسّط ​​وجنوب شرق آسيا، ارتفاعًا كبيرًا في الوفيّات المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدّمويّة. ولمعالجة هذه المشكلة، يجب معالجة عوامل مثل مرض السّكّري وارتفاع نسبة الكوليسترول وسوء التّغذية وقلّة ممارسة الرّياضة داخل هذه المجتمعات. إنّ إعطاء الأولويّة للتّغذية المتوازنة والنّشاط البدني المنتظم والإدارة الفعّالة لمستويات مرض السّكّري والكوليسترول يمكن أن يقلّل بشكل كبير من مخاطر أمراض القلب والأوعية الدّمويّة.

عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ:, إِيَّاكُمْ وَاللَّحْمَ فَإِنَّ لَهُ ضَرَاوَةً كَضَرَاوَةِ الْخَمْرِ (3450 موطأ مالك رواية يحيى ما جاء في أكل اللحم)

الإمام علي (عليه السلام) قال: "لا تجعلوا بطونكم مقابر للحيوانات.". (بحار الأنوار، المجلد 41، الصفحة 148)

تَكَوَّنَ النظام الغذائي للنّبي (صلّى الله عليه و سلّم) في المقام الأوّل من الأطعمة النّباتيّة الصّرف مثل التّمر والشّعير والتّين والعنب واليقطين، ممّا يشير إلى منهج شبه نباتي صرف. كان استهلاك اللّحوم نادرًا بالنّسبة له. كانت هناك فترات لا يرى فيها الدّخّان يخرج من مدخنة النبي، وعندما يُسأل عن طعامه، يجيب ببساطة: "الأسودين"، وهو يعني الماء والتمر (صحيح البخاري، كتاب الرقاق، حديث رقم 6094). في الماضي، كان المسلمون يتناولون اللحوم مرة واحدة في الأسبوع يوم الجمعة إذا كانوا أغنياء، أو خلال الأعياد إذا كانوا أقل حظا. ومع ذلك، فإن الاتجاه الحالي بين المسلمين هو تناول اللحوم حوالي ثلاث مرات في اليوم، مما ساهم في انتشار العديد من الأمراض. هل سيقوم المسلم بارتكاب خطأ أوانتهاكاً لدينه إذا اختار تناول نظام غذائي نباتي فقط؟ الإجابة بكل بساطة هي، ليس على الإطلاق. و في الواقع، كان أحد الصحابة للنبي (صلى الله عليه وسلم) بالاسم آبي اللّحم الغفاري لا يأكل اللحم، وقَبِلَ النّبي ذلك منه. الشرط في الإسلام هو أَنْ ما تأكله يجب أن يكون حلالاً وطيباً بالمعنى الجسدي والمعنوي. النّظام الغذائي النّباتي الصّرف هو كِلا الأمرين.

يَـٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُوا۟ مِنَ ٱلطَّيِّبَـٰتِ وَٱعْمَلُوا۟ صَـٰلِحًا ۖ إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌۭ (سورة المؤمنون، آية ٥١) 

(سورة المؤمنون 51)

يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ كُلُوا۟ مِن طَيِّبَـٰتِ مَا رَزَقْنَـٰكُمْ وَٱشْكُرُوا۟ لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ

(سورة البقرة 172)

من خلال تبنّي نظام غذائي نباتي صرف، يُمكن للمسلمين إعطاء الأولويّة لصحّتهم مع احترام تعاليم الإسلام. فهو يعزّز الصّحّة البدنيّة، ويتوافق مع الاعتبارات الأخلاقيّة، ويؤكّد على النظافة والنقاء، ويشجّع على التوازن والاعتدال. في نهاية المطاف، يمكن النّظر إلى تبنّي نمط حياة نباتي صرف على أنّه خطوة استباقيّة نحو الوفاء بمسؤوليّتنا كمقدّمي رعاية لأجسادنا والبيئة، بينما نسعى جاهدين لعيش حياة صحّيّة ومُرْضية روحيّاً.